محاضرات علم النفس العصبي الغدي
المحاضرة الثامنة + التاسعة - نماذج توضيحية لبعض الأمراض (السكري)
1- تعريف السكري
يعرف مرض السكر بأنه اختلال في عملية أيض السكر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم بصوره غير طبيعية لأسباب مختلفة قد تكون نفسية، أو عضوية، أو بسبب الإفراط في تناول السكريات، أو بسبب عوامل وراثية. ويحدث نتيجة وجود خلل في إفراز الأنسولين من البنكرياس.
مرض السكري هو مرض استقلابي (أيضي) مزمن يتميز بزيادة مستوى السكر في الدم نتيجة لنقص نسبي أو كامل في الأنسولين في الدم أو لخلل في تأثير الأنسولين على الأنسجة، مما ينتج عنه مضاعفات مزمنة في أعضاء مختلفة من الجسم.
2- الأنسولين
الأنسولين هو هرمون يفرز من خلايا بيتا في جزر لانجر هانس في البنكرياس، والأنسولين ضروري للجسم كي يتمكن من الاستفادة و استخدام السكر و الطاقة في الطعام. حيث يعمل على منع تراكم السكر وزيادة منسوبة في الدم مهما تناول الإنسان من سكريات ونشويات وإبقاء مستوى السكر ثابتاً طوال الأربعة وعشرون ساعة
3- دور الأنسولين بين استقلاب السكريات والشحوم:
يعزز الأنسولين استعمال السكريات لتوليد الطاقة، بينما يكبت استعمال الدهون، وعلى العكس فإن نقص الأنسولين يؤدي إلى استعمال الدهون بصورة رئيسية مع استثناء استعمال الغلوكوز، إلا في أنسجة المخ. وبالإضافة إلى ذلك فإن الاشارات التي تحكم آلية التحويل هذه هي في الأساس تركيز غلوكوز الدم؛ فعندما يكون تركيز الغلوكوز واطئا يكبت إفراز الأنسولين ويستعمل الدهن وحده تقريبا في كل انحاء الجسم ما عدا الدماغ، وعندما يكون تركيز الغلوكوز عاليا ينبه إفراز الأنسولين وتستعمل السكريات عوضا عن الدهون، ويخزن غلوكوز الدم الفائض بشكل غليكوجين ودهن الكبد وغليكوجين العضل.
4- أنواع مرض السكري
أ- مرض السكري النوع الأول
وقديما كان يسمى هذا النوع بالسكر المعتمد على الأنسولين (IDDM). ويقصد به مرضى السكر الذين يعتمدون على الأنسولين في علاجهم. وكان هذا النوع يسمى كذلك " بسكر الصغار لأنه عادة ما تظهر أعراضه في سن الخامسة عشر ولكن هذه التسمية ألغيت لأن النوع الأول من السكر يصيب الشباب والمسنين على حد سواء. وهذا النوع في الغالب يصيب الأطفال والبالغين أقل من ثلاثين عاما وذروة بدء النمط الأول بين عمر11 و13 سنة، لكنه قد يبدأ في أي فئة عمريه بما فيها الشيخوخة.
ويتميز بوجود تحطيم لخلايا بيتا في البنكرياس التي تفرز الأنسولين (فقدان الأنسولين تماماً في الدم ) بواسطة أضداد ذاتية في دم المصاب، ويحتاج الشخص منذ البداية للأنسولين لكي يعيش وهو معرض للإصابة بحماض الدم .
أعراض المرض قد تحدث فجأة مع حدوث عطش وتبول كثير وانفتاح للشهية وفقدان للوزن يتم في خلال أيام عديدة وتزيد معه احتمال حدوث المضاعفات كحموضة الدم الكيتونيه والغيبوبة السكرية.
يعود السبب الرئيسي في حدوث النوع الأول من السكر إلى نقص كفاءة الجهاز المناعي للجسم والتي يصاحبها ظهور أجسام مضادة تهاجم بروتينات الأنسولين وخلايا لانجرهانز وتسبب تلف خلايا بيتا في البنكرياس التي تفرز الأنسولين. ولا يعرف السبب الحقيقي عن كيفية بدء التأثير على الجهاز المناعي للجسم، ولكن الدراسات تشير إلى أن الاستعداد الوراثي والإصابة ببعض الفيروسات قد تكون السبب في حدوث نقص كفاءة الجهاز المناعي للجسم.
- العوامل التي تسبب خطورة الإصابة بالنوع الأول من السكر عند الأطفال
وقد أظهرت الدراسات وجود عدد من عوامل الخطورة التي تسبب حدوث النوع الأول من السكر الأطفال وهي :
- كبر سن الأم.
- إصابة الأم بالنوع الأول من السكر.
- مرض الطفل في سن مبكرة.
- عدم الرضاعة الطبيعية من صدر الأم وشرب حليب البقر عند الأطفال الرض (خاصة 8 أيام
- إصابة الأم بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.
تم ربط السمنة لدى الأطفال بإمكانية إصابتهم بنسبه كبيرة بالنوع الثاني من السكر في سن متقدمة. وقد أظهرت بعض الدراسات أيضاً علاقة وطيدة بين زيادة الوزن عند الولادة والسمنة خلال الطفولة بأنها سبب رئيسي لحدوث مرض السكر من النوع الأول. والعامل الرئيسي في ذلك هو زيادة الوزن. وهذا نظرياً على الأقل يمكن أن يجهد خلايا بيتا في البنكرياس مما يجعلها أكثر عرضه للتلف وحدوث النوع الأول من السكر خاصة لدى الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بالمرض. ومع أن معظم حالات السكر في الأطفال هي من النوع الأول، إلا أن التقديرات في الوقت الحاضر تشير إلى أن ما نسبته 8% و %45 من حالات السكر المكتشفة حديثاً في الأطفال هي من النوع الثاني، وقد يكون السبب الرئيسي في ذلك السمنة المفرطة لدى الأطفال.
ب- مرض السكري النوع الثاني
قديماً كان يسمى بالسكر الذي لا يعتمد على الأنسولين (NIDDM). ويقصد به مرضى السكر الذين لا يعتمدون على الأنسولين في علاجهم. وكان يسمى كذلك "سكر الكبار" لأنه عادة ما يبدأ بعد سن الأربعين. وأعراض هذا المرض تظهر بشكل تدريجي واحتمالات حدوث الغيبوبة السكرية
والمضاعفات أقل من النوع الأول. وغالباً ما يتم اكتشاف هذا النوع من السكر عن طريق الصدفة عندها إجراء التحاليل الطبية الروتينية. وفي هذا النوع يفرز البنكرياس كمية من الأنسولين ولكنها قد تكون غير كافية أو أن هناك مقاومة من الأنسجة والخلايا بالجسم تعوق وظيفة الأنسولين بسبب نقص مستقبلات الأنسولين أو لوجود أجسام مضادة لهذه المستقبلات تمنع الأنسولين وتنافسه على الوصول إليها مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم. (الحميد: 2007، ص31). وهذا النوع يمثل الأغلبية (90 %) من مرضى السكر وهو بعكس النوع الأول ليس له علاقة بالجهاز المناعي للجسم وقد لا يعتمد على الأنسولين. والمريض المصاب بهذا النوع من السكريستجيب في الغالب للأقراص الخافضة للسكر.
- العوامل المساعدة على ظهور هذا النوع
- السمنة 85%
- تاريخ عائلي للإصابة بمرض السكري في أقارب من الدرجة الأولى 74-100% من
- الإناث أكثر من الذكور .
- سن البلوغ .
ج- مرض السكري النوع الثالث (مرض السكر الثانوي)
ويحدث نتيجة لوجود عله مرضية تؤثر على الخلايا المفرزه للأنسولين في البنكرياس وأهم هذه العلل:
- الالتهاب المزمن للبنكرياس.
- الالتهابات الفيروسية التي تؤثر على البنكرياس مثل التهاب فيروس سايتوميغالو Cytomegalo Virus والحصبة الخلقية Congenital Rubella (أي طفل ولد مصاباً بالحصبة من الأم أثناء الحمل).
- استئصال البنكرياس في حالة ظهور أورام سرطانية مثلاً.
- نتيجة أخذ بعض الأدوية مثل هرمون الغدة الدرقية Thyroid hormone وحمض النيكوتينيك
- Nicotinic Acid والكورتيزونات Steroids .
- أورام الغدة فوق الكلوية (Pheochromocytoma)
• بعض أمراض الغدد الصماء مثل:
مرض العملقة (Acromegaly, Gigantism) الناتج عن زيادة إنتاج هرمون النمو. فرط إفراز الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) كما يحدث في حالات التسمم الدرقي: إذ ينبه هرمون الدرقية كل نواحي استقلاب السكريات تقريبا، ويشمل ذلك القبط (الامتصاص uptake) السريع للغلوكوز إلى الخلايا، وتعزيز انحلال الغلوكوز، وتعزيز استحداث السكر، زيادة سرعة الامتصاص من السبيل المعدي المعوي، وحتى زيادة إفراز الأنسولين مع التأثيرات الثانوية الناتجة من ذلك على استقلاب السكريات. متلازمة كوشينغ Cushing's Syndrome: هو اضطراب هرموني يصيب الأشخاص الذين يعانون من زيادة في إفراز هرمون الكورتيزول في الدم الذي ينتج عن أورام الغدة النخامية أو فرط تنسج قشر الكظر أو بسبب إفراز الهرمون الموجه لقشر الكظر المنتبذ .
ج - مرض السكري النوع الرابع: السكري أثناء الحمل
وهو من أنواع مرض السكر الأقل انتشارا، ويظهر أثناء الحمل فقط في النساء اللواتي لم يصبن بمرض السكر في السابق. وغالباً يعود سكر الجلوكوز في الدم إلى معدلاته الطبعية بعد الولادة ليعاود الظهور في الحمل التالي وهكذا. وتشير الدراسات إلى أن حوالي ثلث إلى نصف النساء المصابات بسكر الحمل قد يصبن بالنوع الثاني من السكر في غضون عشر سنوات.
وتظهر عادة أعراض سكر الحمل كالعطش وكثرة التبول والتعب المبكر أو الإجهاد السريع خلال الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل. وفي بعض الأحيان يكون المرض بدون أعراض، حيث يكتشف ارتفاع السكر للمرة الأولى عند الفحص الشهري لدم الحامل.
وقد يحدث بسبب إعاقة هرمونات المشيمة المرتبطة بنمو الجنين قدرة جسم الأم الحامل على استعمال الأنسولين على الوجه الصحيح، مما قد يجهد خلايا جزر لانجرهانز التي تقوم بإفرازه، أو إلى مقاومة الأنسولين. كما أن لبعض النساء قابلية جينية للإصابة بسكر الحمل. ويتم تشخيصه عادة عن طريق الفحص الروتيني للحامل أو بولادة طفل كبير الوزن.
ويعبر فائض السكر في دم الأم عن طريق المشيمة إلى جسم الطفل. ونتيجة لذلك، يبدأ بنكرياس الطفل بتوليد المزيد من الأنسولين للتخلص من زيادة السكر. وحيث إن الجنين كان يعتمد في غذائه على دم الأم وبعد الولادة فقد هذا المصدر فقد يؤدي ذلك لخطر الإصابة بانخفاض السكر في دمه. وهذا قد يعرض الطفل لخطر حدوث:
- قصور في نمو الرئة وما يسببه ذلك من متاعب في التنفس عند الطفل لحظة الولادة.
- زيادة احتمال خطر الإصابة بالسكر في المستقبل وزيادة الوزن في سن الطفولة.
- وتشمل عوامل الخطورة بالإصابة بسكر الحمل التالي :
- تشوه خلقي.
- زيادة كبيرة في النمو.
- زيادة الوزن، حتى وإن كانت ضئيلة، خلال السنوات الأولى من البلوغ.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بمرض السكر.
- التدخين.
- إذا كانت المرأة تنتمي إلى سلالات مصابة بمرض السكر.
- زيادة الوزن قبل حدوث الحمل.
- كبر عمر المرأة.
5- الأعراض العامة لمرض السكر
تتلخص الأعراض العامة للسكري في:
- شدة العطش والإكثار من شرب المياه وخاصة المثلجة. ويحدث العطش بسبب التأثير الأزموزي ، حيث أن الزيادة الكبيرة في مستوى السكر في الدم (فوق الحد الكلوي للسكر) يتم إفرازها عن طريق الكلى، ولكن هذا يحتاج إلى الماء لحمله، وبالتالي يؤدي ذلك إلى فقدان كبير للسوائل من الجسم والتي يجب إحلالها عن طريق الماء المتواجد في خلايا الجسم. وهذا بدوره يؤدي إلى الجفاف .
- وفي النوع الثاني من السكر فإن زيادة التبول والعطش قد تكون خفيفة في البداية ولكنها تزيد سوءا بالتدريج خلال أسابيع أو أشهر. وبعد ذلك يشعر المريض بالتعب الحاد ، وقد يتطور ذلك إلى زغللة في البصر ويمكن أن يتعرض للجفاف
- زيادة عدد مرات وكمية التبول.
- ازدياد الشهية لتناول الطعام وخاصة الحلويات والسكريات.
- أعراض السكر المذكورة أعلاه يمكن أن تحدث بسرعة في النوع الأول من السكر، وخاصة في الأطفال ( أسابيع أو أشهر) ولكنها قد لا تظهر تماما، أو تظهر بشكل بطيء في النوع الثاني من السكر.
- • جفاف الحلق واللسان.
- وفي النوع الأول من السكر يمكن أن يحدث نقص في وزن الجسم دون سبب واضح على الرغم من الأكل الطبيعي أو حتى زيادة الأكل عند الشخص .
- يمكن أن يصاحب النوع الأول من السكر الشعور بالكسل والضعف والخمول وعدم القدرة على احتمال المجهود العضلي وهنا يجب الحرص على عمل التحاليل الطبية بدلاً من البحث عن دواء منشط أو فيتامينات يظن المريض أنها مقوية، وهي في الواقع تؤخر موعد اكتشافه لحقيقة المرض الذي يشكو منه فعلاً.
- والشراهة في الأكل وفقدان الوزن والتعب المستمر يمكن أن تظهر عند مريض السكر من النوع الثاني عندما يكون مستوى التحكم في السكر لديه ضعيف.
- عدم وضوح الرؤية والدوخة (الدوار) أو الصداع وعدم التركيز.
- قد تكون الغيبوبة السكرية الكيتونية هي أول مؤشر لوجود مرض السكر وخاصة في صغار السن المصابين بالنوع الأول من السكر. وتحدث الغيبوبة السكرية الكيتونية بسبب تكسر الخلايا الدهنية و إنتاج مركبات يطلق عليها المركبات الكيتونية. وتقوم الكيتونات بإمداد الخلايا ببعض الطاقة ولكنها تجعل الدم شديد الحموضة، ومن أعراضها الأولية كثرة العطش والتبول ، وفقدان الوزن، والغثيان والتقيؤ، والإجهاد. وفي الأطفال، على وجه الخصوص، يحدث لديهم ألم في البطن. ويكون التنفس عميقا وسريعا بسبب محاولة الجسم لتصحيح حموضة الدم. وتتميز هذه الحالة برائحة الأسيتون وهو شبيه برائحة مزيل الألوان من الأظافر من تنفس المريض. وبدون التدخل العلاجي يمكن أن تؤدي الحمضية الكيتونية السكرية إلى الغيبوبة السكرية والوفاة والتي قد تحدث في بعض الأحيان خلال ساعات محدودة .
- وبسبب إنتاج بعض الأنسولين في الأشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكر فإن الغيبوبة السكرية الكيتونية عادة لا تحدث لديهم .
- سرعة التهيج والتوتر.
- زيادة قابلية الإصابة بالالتهابات الميكروبية.
- الحكة وخاصة في منطقة الأعضاء التناسلية.
- التأخر في التئام الجروح والرضوض عند حدوثها (تقرحات القدم).
- الضعف الجنسي ويكون واضحاً عند الذكور.
- القلق والاضطراب النفسي وعدم الرغبة في العمل.. والأرق.. وعدم انتظام التبرز.

تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لك