كيف تصمم برنامجا تخيليا علاجيا لأمراض نوعية خبيثة وغيرها

القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المشاركات

كيف تصمم برنامجا تخيليا علاجيا لأمراض نوعية خبيثة وغيرها

 

كيف تصمم برنامجا تخيليا علاجيا
لأمراض نوعية خبيثة وغيرها

"نفوذية علمية واعدة في سيطرة النفس على المرض العضوي"

                                                                                                                    الدكتور محمد حمدي الحجار

كيف تصمم برنامجا تخيليا علاجيا  لأمراض نوعية خبيثة وغيرها


1-                توطئة: 

تعد اليوم الامراض المناعية (أي المسببة لنقص مناعة البدن) بؤرة الاهتمامات العلمية في المراكز والمؤتمرات العلمية العالمية ونجاحته في الولايات المتحدة الامريكية.

فالمنظر للمؤتمرات العلمية السنوية التي تنظمها المؤسسة الوطنية للتطبيقات السريرية (الاكلينيكية) والطب السلوكي التي مركزها في ولاية كونيكتيكت، نجد ان أكثرية الأبحاث المطروحة في تلك المؤتمرات تدور حول الطب النفسي السلوكي وعلاقة الجسم بالنفس بالإمراضية، وبخاصة دور الكرب المزمن في تخفيض مناعة جسم البدن وما يترتب على ذلك من امراض سرطانية والتعرض للأعراض الخماجية Infections.

هذا بالإضافة الى دراسات وصفية وسريرية عن أهمية العلاج التخيلي في السير المرضي لبعض الامراض الخبيثة، ودور التدبير بالتوتر النفسي المصاحب لهذه الامراض في إطالة عمر المريض وتحسين الإنذار المرضي (منع الانتقالات السرطانية).

في هذا البحث سنتكلم عن نماذج Models علاجية وشروط تصميم الاستراتيجية العلاجية لبعض الامراض الخبيثة بالمشاركة مع العلاج الدوائي النوعي.

وقد يجد القارئ في هذه التصاميم العلاجية التخيلية ضرب من الشعوذة العلمية او الدجل تحت شعار العلم او شطحات خيالية، ولكن الهوينا..... فلا تتعجل، أليس البلاسيبو معيار للمقارنة العلاجية مع الادوية المجربة؟ اليس البلاسيبو هو دواء ايحائي؟ اذن لا شطحات ولا شعوذة في هذا الموضوع.

2-               عموميات واعتبارات عامة في شروط وضع برنامج تخيلي علاجي لمرض معين:

أ‌-                   لابد أولا من استكشاف التخيل المرتبط بالمرض الهدف والصحة المنشودة وما يحدث في البدن وبخاصة الجوانب المتعلقة بفلسفة الفرد المريض إزاء الحياة والعالم. فأي برنامج تخيلي موجه يجب ان يكون متناغما مع جوهر معتقدات الفرد، فلا يكون التخيل فعالا الا إذا كان متوافقا مع القيم العميقة للفرد ولا يتعارض معها (أي مثلا المعتقدات حيال العنف، النظرات الروحية الدينية، طبيعة الانسان وما الى هنالك).

ب‌-              ثم ان التخيل الموجه يجب ان يكون خاصا ويعكس المعنى الذاتي العميق للفرد ومجازيا، وننوه ان الأشرطة التجارية المسجلة الخاصة بهذا الميدان التخيلي العلاجي ذات فائدة نوعية محدودة، ولها دورها فقط عندما نرغب في إيلاج رغبات لاشعورية وحيدة الطابع وتفضيلات.

ت‌-              في الامراض المخفضة لمناعة البدن لابد من تخيل رمز المرض بكونه ضعيفا، أقل ذكاء، غير مهدد ولا هو خطر، وأضعف نشاطا واقل تحديدا من صورة الشفاء. في الامراض المناعية الذاتية ينظر الى رمز المرض بكونه (في البداية) متوحشا محرقا وغاضبا ولكن في الوقت نفسه أليفا، قابل للارتداد والتراجع ويمكن التدبر فيه.

ث‌-              يحتاج رمز الشفاء الى ...النظر إليه بكونه قويا، نشطا، حيا منافسا وكبيرا. فرمز الشفاء بأمراض المناعة الذاتية قد يتضمن المناصرة والتأييد لجهاز المناعة البدنية بدون افساد عزواته الوقائية ضد "الغزاة الحقيقيين". فالخلايا السليمة تحتاج الى النظر اليها بكونها قوية، بينما الوظائف المريضة أو الخلايا المعتورة تكون ضعيفة قابلة للتطويع والمطاوعة، اما الصورة الذهنية فيجب ان تكون ذات خصائص تشريحية بل ومجازية الطابع وموغلة في الترميز.

ج‌-                ينظر الى العلاج الطبي من منظور الفعالية الكبيرة حيث تكون الخلايا السليمة محمية من العلاج الشعاعي والكيميائي التخريبي للخلايا المريضة في الامراض المناعية الذاتية Auto-immune diseases ينظر الى المعالجة المثبطة لجهاز المناعة نظرة انتقائية حيث لا تخمد الا العناصر التي تحتاج الى تثبيط بدون تأثيراتها الجانبية على بقايا أجهزة البدن.

ح‌-                ان مفهوم التوازن المرمم يجب دمجه مع كل الصور الذهنية، فالتخيل يتسم بقوة كبيرة. حتى الان يعرف العلم معرفة دقيقة ماذا يحدث وكيف تكون آلية تأثير هذا التخيل العلاجي بشروطه التي ذكرناها، في حين قد يترتب اذى كبير اذا ما افترضنا نظرية غامئة غير واقعية فعلاقة الجسم بالنفس هي علاقة ذكية بصورة لا تصدق. وكل ما علينا فعله ان نترك مسألة هذا التصنيع العلاجي الى مركز الضبط والسيطرة الذي نمتلكه. وكل ما نحتاجه عمليا في العملية التخيلية هو مفهوم التوازن والكلية بأن يعملا بأعلى درجة من الفعالية والقوة.

خ‌-                ان أفضل النتائج يمكن ان تحتاجه صورة المرض هي ان يشاهد وقد تلاشى تلاشيا تاما، والبدن معافى تماما وذلك في نهاية الجلسة التخيلية، ووفق خبرات الاختصاصيين العاملين في هذا الميدان (دافيس بريغهام، فيليب تووال، برنامج المناعة النفسية-العصبية لمرض السرطان والامراض المزمنة في الولايات المتحدة الامريكية)، عندما تكون الصورة التخيلية للمرض وقد انحصر فإن هذه الرسالة يلتقطها البدن ويختزنها.

وننوه ان قبول الفرد للمرض وعدم رغبته في ان يهجره المرض يجعل البدن في حالة قبوله للمرض ويهيئ له المكان كيما يترعرع وينتشر. وعلى هذا فإن الصورة التخيلية هي بمثابة طبعة blueprint أو صورة فوتوغرافية لما يمكن ان يحدث، لذا تأكد من ان تكون هذه الطبعة تعكس بما ترغب ان يحدث.

3-                برامج تخيلية لبعض الامراض النوعية-امراض المناعة الذاتية: 

تعرف المناعة الذاتية بعجز العضوية في التعرف على نسيجها الخلي، وان رد الفعل المناعي يكون نتيجة لتخرب المسالك السوية للخلايا نوع T وB مع المستضدات الذاتية Auto antigens وهذا الرد الفعل يظهر أينما تكون هناك حالة عدم توازن مناعي بحيث ان نشاط الخلية B يكون مفرطا بينما نشاط الخلايا من نوع T الخامدة يكون متضائلا.

في تصميم التخيل العلاجي الخاص بأمراض المناعة الذاتية يكون مفهوم توازن جهاز المناعة أساسيا وجوهريا وعموما فإن نسبة ½ من الخلايا المعينة T بالنسبة للخلايا الخامدة T تعد افقية.

وليكن في معلومنا ان ذكاء البدن للوصول الى توازن أي كان نوعه هو مطلوب. ويبدو من الأهمية بمكان وضع هذا التوازن تحت رعاية وحماية مركز السيطرة في الدماغ وليس محاولة التناور مباشرة مع هذا التوازن مالم نملك معلومات بيولوجية دقيقة عن أسلوب الوصول الى هذا التوازن.

من ناحية أخرى ان النظر الى جهاز المناعة بكونه أليفا، محبا، حاميا وواقيا هو امر مهم. وان تخفيف العرض تخفيفا كثيرا في اضطراب المناعة الذاتية يوصد كامل جهاز المناعة ويعطله. وعلى الرغم من ان التخفيف يصيب المنطقة المتأوفة الا ان هذا يعرض بقية العضوية الى الإصابة بالأخماج Infectionsوالامراض المناعية.

لنتكلم الان على أسس التخيل العلاجي لبعض الامراض المناعية الذاتية:

أ‌-                   مرض التصلب اللويحي المتعدد Multiple Sclerosis (MS)

هو مرض الجملة العصبية المركزية يتظاهر بتخرب وتندب غمد النخاعين Myelin sheath للخلايا العصبية. وعندما يضطرب هذا العازل الدهني لألياف العصب فان التنبيهات التي تسيطر على وظائف وحركات الجسم تضطرب ويصيبها التشوه والحصار، او انها تذهب باتجاهات عضلية خاطئة. ومعروف ان سير هذا المرض يتخلله نوبات سورات Exacerbations وزوال الاعراض. وعلى العموم فان الشدة النفسية غالبا ما تسبق السورات. وعلى العموم يتركز العلاج على تخفيف العرض أي معالجة تخفيف وليست سببية شاقبة..

ب. اضطراب الوظيفة المناعية: 

ان الافتراضات الحديثة في تفسير أسباب التصلب اللويحي المتعدد تتمحور حول:

1-                السبب الفيروسي.

2-                اضطراب وظيفة المناعة الذاتية.

3-                وجود العاملين السابقين معا (جهاز المناعة يهاجم الفيروس الهاجع ضمن خلايا غمد النخاعين).

الاستجابة المناعية المطلوبة:

1-                وعي جهاز المناعة للخلايا " كذات وكيان".

2-                ان يصبح جهاز المناعة صديقا للبدن وليس عدوا له وذلك من خلال وعي الخلايا كذات ومصاحبتها.

3-                تزايد الخلايا المثبطة.

 

تصميم العلاج التخيلي العلاجي لهذا الداء يتضمن الأفكار التالية:

1-                تخيل مادة تشبه العسل تطلي الاعصاب تذيب الندبات القاسية وتحول الى مادة نخاعية قوية قابلة للحياة والوجود.

2-                تخيل مادة تسكب فوق الاعصاب المأوفة في الجذوع العصبية تماثل الزيت المطري الذي يسكب فوق "السباغيتي" يطلي الالياف العصبية بحيث يزول التشابك بشيء سحري.

3-                املاء أي فجوات في غمد النخاعين بحيث ان الاعصاب لا تفقد اتصالها العصبي بعضها ببعض الحالة التي نراها عادة عند تخرب العزل في حبل شوكي.

4-                تدفئة اليدين والطرفين السفليين.

5-                تخيل غيوما في الرأس (ندبات المرض كما تشاهد في الاشعة السينية) تتبعثر وتتفتت بقوة ريح عاتية.

6-                تخيل مقاييس توازن في مركز الضبط في الجملة العصبية، تخيل وجود عدم توازن بين الخلايا T المثبطة وخلايا T المساعدة ومن ثم تصور الخلايا المثبطة بأنها أصبحت أكثر عددا ووزنا. تخيل سماع صوت عندما يحدث التوازن، وتخيل الاعصاب المأوّفة يتحول لونها من الأبيض الى الأزرق الغامق.

7-                تخيل ممحاة كبيرة تزيل الآفات في الدماغ وتنكسها.

8-                تخيل طيانين يستخدمان كومة كبيرة من النخاعين لحشو الندبات التحتية، وعندما لا يتم املاء هذه الندبات فإنها تسقط وتنفصل، وعندما تتولد الدارة العصبية في النورونات فان النخاعين يتحول الى لون ازرق غامق.

9-                تخيل عاملا يحمل فرشاة فيصقل الندبات.

10-           تخيل محلول سيليكات زنك المائية يسكب على مناطق بواسطة جهاز المناعة، تخيل جهاز المناعة بمثابة صديق ومحب وحام.

4-                برنامج تخيلي لبعض الامراض النوعية: امراض نقص المناعة:

أ‌-                   مرض السرطان: 

السرطان هو من أنواع واصناف كثيرة، فبروتوكول التخيل يجب ان يأخذ بعين الاعتبار نوع الافة السرطانية المتعامل معها، فالتخيل الخاص بمرض ابيضاض الدم (اللوكيميا) يختلف بمحتواه عن تخيل سرطان الرئة.

والسرطان هو مرض يتسم بشبكة معقدة من الأسباب والكوارث، احداها وهو عامل مهم هو الشدة النفسية وتأثيره المخرب على جهاز المناعة، ففي معظم حالات السرطان فان هرمونات الشدة النفسية وبمقادير عالية تخرب خلايا المناعة البدنية او تجعلها غير نشطة معطلة فتسمح بذلك للخلايا السرطانية بان تظهر وتنمو بشكل اورام مهددة للحياة.

اضطراب الوظيفة المناعية: 

ان معظم السرطانات تتأثر تأثرا كبيرا بهرمونات الشدات النفسية (ولكن ليس كعامل وحيد) بحيث ان المقادير العالية من هرمونات التوتر او المزمنة تؤدي الى تثبيط جهاز المناعة، ومن خلال تثبيط الخلايا المناعة أو تدميرها ومن ضمنها خلايا البلعمة، أي خلايا T فإن جهاز المناعة يصبح غير قادر على مكافحة الخلايا السرطانية، ومع اعتلال جهاز المناعة فإن الخلايا السرطانية تتعاظم لتصل الى مرض فتنشر، ثم ان تناقص تعداد الكريات البيض يخدم بدوره فعاليات الاستجابة المناعية.

الاستجابة المناعية المرغوبة:

1-                زيادة عدد الكريات البيض.

2-                زيادة عدد الخلايا T القاتلة للسرطان وأيضا الخلايا T الداعمة.

3-                زيادة قوة وكفاءة عناصر المناعة المناسبة.

مضامين البرنامج التخيلي:

يأخذ مضمون التخيل لمرض السرطان شكل زيادة عدد الكريات البيض وتخيل الخلايا السرطانية ضعيفة وغير منتظمة، وإذا تلقى المريض العلاج النوعي للسرطان المصاب به، فيجب تضمين التخيل بهذا العلاج بآليته العلاجية، فمثلا العلاج الكيمياوي الذي يقتل الخلايا السرطانية ولكن لا يؤذي الخلايا السوية الصحيحة، ونقترح مضمون التخيل على الصورة التالية:

-                      تخيل الكريات البيضاء كنمور بيضاء تاكل فرائسها أي الخلايا السرطانية.

-                     تخيل الأوراق كأقذار في غرف الفندق المبعثرة، والكريات البيض بمثابة خادمات تنظيف ضده الغرف من تلك الاقذار.

-                     تخيل اشباحا ضخمة تحمل سيوفا ليزرية، أي الضوء الأبيض لسيف الليزر هو ضوء الاله يمزق الورم ويفتته.

-                     تخيل الكريات البيض كملائكة التي تطوف في ارجاء البدن تفتش عن الخلايا السرطانية حاملة الأعصية السحرية ما ان تمس بها الخلايا السرطانية حتى تختفي وتزول.

-                     تخيل شعاعا ليزريا يأتي من نجم بعيدا يتوقف فقط عندما يصطدم بنسيج البدن المعافى الصحي السليم. ينتقي فقط الأورام الفعالة في البدن أي خلايا سرطانية زائغة في الجسم.

-                     تخيل صقورا قوية جارحة تتغذى من الخلايا السرطانية، وان السرطان بمثابة غذاء يقدم الى الخلايا السليمة المتعافية فتأكلها.

-                     تخيل طاقة ضوئية قوية شافية تخترق تاج الرأس فتعمل بمثابة فخ كهربائي جوال يصطاد أي شيء يقع عليه.

-                     تخيل صحوة مصانع نقي العظام، خطوط الجمع تطبع ملايين وبلايين خلايا صحية سليمة فعالة، لتكون خلايا نوعية ضمن جهاز المناعة، جهاز المراقبة لا يسمح الا للخلايا الصحية السليمة بالخروج من خطوط التصنيع يفرز الخلايا الشاذة (اللوكيميا-خلايا البيض المريضة) ويعيدها ثانية لإعادة تصنيعها وتصحيح شذوذها. وجهاز المراقبة هذا بإمكانه ان يرفع او يخفض انتاج بعض الخلايا مثل الصفائح الدموية.

-                     تخيل سمك ضاري يتجمع حول كتلة سوداء من خلايا شاذة ويعمل آكلا وتمزيقا في خلايا هذه الكتلة.

-                     تخيل الشمس وهي تشع بنورها على الظهر تصل الى اليدين، يقبض على هذا الشعاع، يفجر هذا الشعاع الخلايا السرطانية. كما وأن هذا الشعاع يتسلل الى الخلايا ليشع بنوره كامل البدن مدمرا الخلايا السرطانية العائمة.

-                     تخيل نمورا بيضاء (كريات بيض) تأكل نمر الخوخ (أي الخلايا السرطانية).

ولتعلم أنك تكون في حالة تشريحية صحيحة إذا ما لجأت الى التخيل التشريحي الذي ينطبق مع آلية المرض، فإذا كانت لديك تساؤلات بخصوص آليات المرض، فينصح باللجوء الى المجازات والاستعارات التخيلية والى صور الشفاء المعممة متوخيا النتيجة النهائية وواضعا إياها نصب عينيه فالبدن يستجيب الى الطبعة او الصورة الفوتوغرافية للنفس التي تخلقها على البدن، لذا تأكد ان هذه الصورة هي المرغوبة.

5-      التعامل مع المرضى لتطوير القدرة على التخيل: 

يصادف المعالج العيادي شكاوى من قبل المرضى الذين يلجؤون الى هذا النوع من العلاج التخيلي بوجود قصور في القدرة على التخيل " أنا لا أستطيع تخيل ما تطلبه مني". ان أفضل طريقة لمعاينة القدرة التخيلية عند المريض هي ان يطرح المعالج عليه بعضا من الأسئلة التالية:

أ‌-                   اذكر لي عدد النوافذ التي في بيتك بتخيلها.

ب‌-              تخيل قطعة من الليمون في فمك هل تشعر بلذعة الحموضة في فمك.

ت‌-              تخيل وردة هل تستطيع الاستشعار برائحتها.

ث‌-              هل تستطيع تخيل صوت نباح الكلب.

ج‌-                تخيل أصوات قرقعة أصوات انفجارات الألعاب النارية.

بعد ان يتأكد المعالج (بعد طرح مثل هذه الأسئلة التخيلية السابرة للقدرة على التخيل) من ان المتعالج لديه قدرة تخيل مقبولة أو ان قدرته على التخيل هي مسألة اكتسابية تأتي بالتمرين اليومي في تخيل أشياء تقع ضمن نطاق بصره فيسعى الى تخيلها مرارا وتكرارا حتى الوصول الى مستوى تخيلي فعال، وهذا بتطلب بعض الجهد والوقت.

بعد ذلك يترتب على المعالج سبر التخيل الشعوري واللاشعوري الموجود عند الزبون، وأحيانا يستوجب ذلك تفسير الصور الذهنية التي تظهر مخيفة او غير دقيقة. ونعلم ان القيم والمعتقدات والرغبات لابد من ان تكون ضمن المنظور لمساعدة الزبون على ابتداع الصور التخيلية المناسبة التي يقبلها الزبون وهذا يتم الكشف عنه وتحديده من خلال الحوار العلاجي خلال المقابلة العيادية وبتسهيل ومساعدة المعالج.

ولعل أفضل طريقة للوصول الى ذلك هي الاخذ بأسلوب العلامة جون شافر "التخيل التحويلي" حيث يتم بواسطتها جلب الصورة الذهنية اللاشعورية والمجازات Metephors الى النور والوضوح، ولابد من الإشارة الى ان صورة الزبون التخيلية لمرضه والطرق المقنعة بالنسبة اليه لشفاء هذا المرض تبدو أكثر فعالية من أي نسيج من التخيل يقدمه المعالج له او في أي شريط تسجيلي علاجي تجاري، كما ان استخدام تخيل شخص اخر يعزز مركز الضبط الخارجي (شخص اخر يستطيع تصميم شيئا مفيدا أكثر مما انا أستطيع).

هناك العديد من المراحل التي بواسطتها يمكن تنفيذ التخيل التحويلي. وان الأسلوب المبسط بجعل الزبون يتخيل مركز الرأس (أي المكان بين نصفي كرة الدماغ من الامام الى الخلف)، اطلب منه ان يصف العرض symptom ويدرسه ويفهمه ويطرح عليه (أي المفترض) أسئلة لماذا انه موجود، من اين جاء، ماهي شروطه ليخلي ويذهب... هذا يتم بصوت مسموع... اما المعالج فيقوم بمهمة المساعدة على تحرير هذه المعرفة العميقة الحدسية ويسهل هذه المرحلة.

عندما يصبح العرض واضحا اطلب من الزبون ان يتخيل الصورة الشافية Healing image والتي تبدو ذات معنى بالنسبة اليه وعليه ان يضعها فوق العرض، يتم ذلك بالعديد من الطرق، والصورة قد تكون تشريحية أو رمزية بحتة، ومن الأهمية ان يكون الزبون موجودا في ذلك المكان ببدنه يدمج أي علاج طبي يتلقاه وجعل الصورة قوية وذات معنى.

هذه الطريقة يمكن ملائمتها مع موقف جمعي في الوقت الذي يمارس المشتركون أعمالهم بسكون، من خلال هذه العملية التصنيعية نجد ان أولئك الافراد يوجدون صورا ذهنية ملونة، غنية ومفيدة وبالطبع يكون عند الافراد المشاركون امراضا مختلفة ويسهمون في تخيل شفائي معمم (أي مثلا نور شاف ابيض يعيد التوازن والانسجام الى جميع أجهزة البدن) وقد اتضح من التجربة انه من المفيد جدا استخدام تخيل مصمم يترك مجالا وحيزا للفرد المساهم في العلاج الجماعي يتضمن تخيله الخاص في الوقت نفسه، وحتى لو كان جميع المساهمين يعانون من مرض واحد، اتضح ان هذا يزود باطار عمل جيد لكل فرد مساهم بتضمين جهده وتصوره الخاص.

وان السؤال المطروح هنا هو كم عدد المرات يوميا يتعين تنفيذ التدريب التخيلي؟ الجواب: ينصح بتنفيذ من 2-3 جلسات قصيرة المدة يوميا، ويتعين تعزيز صورة الشفاء تعزيزا مستمرا وقد يأخذ مثل هذا التعزيز عدة ثوان في التجوال التخيلي للصورة الشافية، وليعلم القارئ ان التخيل ليس تخفيف العرض ولكنه طريقة جامعة جديدة من المعتقد حيال العلاقة بين الجسد والنفس وتأثير كل واحد على الاخر، ثم ان الحاجة الى أنماط جديدة يتطلب التعزيز المستمر.

وكما سبق وذكرنا، هناك قضايا فلسفية وانفعالية كثيرة تغلف عملية المرض، واذا كان في نيتنا ان يكون "الشفاء" فعالا فلا بد من الاخذ بعين الاعتبار هذه الصخور الصلدة القابعة تحت التربة والتي تؤثر على افكارنا الشعورية واللاشعورية وعلى الوظيفة، فنحن نستخدم إعادة التركيب المعرفي والأساليب الأخرى العلاجية لجلب هذه القضايا الى السطح بحيث نستطيع التعامل معها فنجد ان التقانيات اسرع وأكثر عمقا في التأثير واكثر دوما واستمرارا، فالولوج في عملية التخيل الخاصة يكمن تحتها مشاعر الغضب والخوف والمرارة وعدم التسامح واستخدام مصادر التخيل ضمن الفرد لتحويل هذه الصراعات الى حل وامن وطمأنينة لتكون جزء من العملية الشافية..

تعليقات